سلسلة رؤوس أقلام من وح ي معركة الكرامة (1) بقلم ….بروفيسور صالح حسب الرسول
متابعات الجاسر نت

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة رؤوس أقلام من وح ي معركة الكرامة (1)
✍🏼 بروفيسور صالح حسب الرسول
جامعة ام درمان الاسلامية
*#بعنوان: بعضٌ من ممسكات الإعمار المعنوي والمادي بعد تحرير الخرطوم
تصادف هذه الأيام مرور عامين على إعلان مليشيات الدعم السريع المتمردة الحرب على الدولة السودانية، بهدف السيطرة على الحكم واستلاب أرض وخيرات الوطن لصالح العملاء من الدول الإقليمية والعالمية. وعلى الرغم من الدعم الخارجي الكثيف الذي حظيت به هذه المليشيات، والذي فاق حد التصور، حيث كان يُعتقد أن الحكم سيسقط في ساعات معدودة، *إلا أن العناية الإلهية كانت حاضرة.*
لقد أدهش الجيش السوداني، بمكوناته المختلفة، العالم بعد أن تمكن من تدمير القوة الصلبة للمتمردين، وقتل قياداتهم المحليين والخبراء والفنيين المستقدمين من مختلف الدول. كان لإلتفاف الشعب السوداني ووقوفه في خندق واحد مع قوات الشعب المسلحة أثرٌ عظيم في كتابة التاريخ المشرق بسجل النضال الوطني، حيث تجلت أسمى معاني التضحية والفداء في معركة الكرامة.
*إن هذا الانتصار هو ثمرة لإرادة الله*، التي تجلت في وحدة الشعب وصدقه في الدفاع عن وطنه، *ليكون دليلاً واضحاً على أن النصر لا يأتي من كثرة العدة والعتاد، بل من الإيمان القوي والعزيمة التي لا تلين، مما يذكّرنا بأن العناية الإلهية دائماً مع أهل الحق الصادقين*.
على نفحات العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، قد تم إعلان تحرير الخرطوم من دنس المتمردين، مع السير بخطى ثابتة لإكمال كتابة فصول تحرير وتطهير كافة ولايات السودان في الأيام القادمة بإذن الله. وانطلاقًا مما أحدثته هذه الحرب المفروضة على السودان من دمار شامل، يمكن القول بالفم المليان إن هناك دروسًا مستفادة وبعضًا من ممسكات الإعمار المعنوي والمادي التي يجب أن لا تخرج عن برنامج الحكومة القادمة، لتشكل ملامح الدولة السودانية وتعزيز نهضتها لبلوغ التطور المنشود وتحقيق رفاهية وجودة حياة المواطن وفقًا لأفضل المعايير والممارسات.
الممسكات المقترحة:
*أولاً:* يجب أن يكون هناك حضور لمؤسسات الدولة لتعزيز الشعور المستدام بسلطتها القانونية ورقابتها القبلية والبعدية لدى الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين، لكبح جماح السلوكيات التي تخرج عن مسار سياساتها وخططها وبرامجها، بحيث تشكل خطرًا على أمن وحياة المواطن على مستوى المركز والولايات. ويبلغ ذلك الأمر مداه بفعالية وكفاءة مؤسسات دولة القانون، لحسم أي مخاطر أو مهددات في مهدها، مع الدعوة الصريحة لإشاعة قيم النزاهة والشفافية لدى المواطنين والتحلي بالقيم الوطنية كجدار واقٍ لسيادة الدولة من المهددات الداخلية والخارجية.
*ثانيًا:* تبني الدولة لبرنامج شامل في صورة استراتيجية وطنية تستند إلى رؤية ورسالة موجهة بأهداف وبرامج تفصيلية لإزالة وتخفيف وطأة آثار الحرب النفسية والاجتماعية والاقتصادية، من أجل تقوية الروح الإيمانية لدى المواطن السوداني، لبلوغ درجة التعافي بنفوس راضية والقناعة التامة بأن المحن تعقبها المنح من الله سبحانه وتعالى. ويأتي تنفيذ هذا المحور من خلال الاستخدام المنظم للمنابر المختلفة، بحيث ينتظم العمل في مؤسسات التعليم العام والعالي، والمراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدني الوطنية، للتخلص من الطاقة السالبة وتعزيز البناء المعنوي لدى المواطن، تمهيدًا لاستراتيجية البناء والتعمير المادي لأعيان المواطنين ومؤسسات القطاعين العام والخاص.
*ثالثًا:* أن تقود الدولة خططًا ومشروعات بناء وتعمير ما دمرته الحرب، من خلال التأسيس الجيد للاستراتيجيات الحاكمة، على أن تنتدب لهذا العمل الكبير كوادر وطنية من الخبراء والأطر المهنية ومؤسسات الأعمال المتخصصة، لضمان جودة التنفيذ حسب المعايير والمواصفات العالمية. هذا مع ضرورة التقيد بالنظم واللوائح والإجراءات التي تحد من أي سلوكيات وممارسات ونزوات النفس للتكسب على حساب جراحات وآهات المواطنين. وفي هذا السياق، يجب التحسب لمخاطر دعاوي إعادة الإعمار بواسطة الشركات العالمية التي تبعد أهدافها عن الأنشطة المهنية والمدنية والفنية المتخصصة، وذلك للحد من أي ممارسات تتعارض مع مصلحة الوطن والمواطن.
*رابعًا:* اعتماد مؤسسة سيادية مفوضة على مستوى المركز والولايات تعنى بشؤون إعمار ما دمرته الحرب. على أن تعمل هذه المؤسسة بالإشراف التام على تأهيل الشركات الوطنية والأجنبية المنوط بها تنفيذ عقودات الإنشاءات والصيانات، مع ضرورة تقديم الضمانات المعززة بقدرتها المالية وخبرتها في المجالات ذات الصلة. علاوة على تأهيل الشركات الاستشارية الوطنية والأجنبية في المجالات الهندسية المختلفة. هذا بالإضافة إلى تكوين المحافظ التمويلية من البنوك الوطنية لتوفير التمويل بشروط ميسرة، بموجب الضمانات المعززة من وزارة المالية والاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى فتح منافذ لاستقطاب تمويل من الشركات العالمية والدول الصديقة.
والحمد لله رب العالمين على نعمة النصر والانتصار.
26 مارس 2025م