الجاسر

أ. د. فكري كباشي الأمين يكتب تطبيق التخطيط الاستراتيجي القومي الشامل بالسودان

متابعات ـ الجاسر نت

وغاياتها القومية. وعلى ذلك فالسياسة Politic هي محصلة الحركة للعمل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي والمعنوي، التي تتم في إطار الاستراتيجية القومية وصولاً إلى الهدف القومي، وهي مجال نشاط القيادة السياسية.‏

وصار التخطيط الاستراتيجي الشامل في عالم اليوم سمة من سمات العصر الحديث، وعلى مستوى جميع القطاعات داخل الدولة، وأصبح لزاماً على كل قطاع أن يحدد أهدافه طويلة الأجل، وبرامجه القصيرة، وأن يضع الخطة المتكاملة التي يتم تنفيذها على خطوات مدروسة لتحقيق هذه الأهداف، على أن تتم متابعة تنفيذ الخطة دورياً، للتمكن من حل مشكلات التنفيذ في المواقيت المناسبة. والتخطيط بذلك يعني التفكير والتدبير والتأمل العلمي في الأمور، ثم التبصر قبل اتخاذ القرار، لذلك فإن توفر جهاز متفرغ لأعمال التخطيط، يعتبر ضرورة تفرضها طبيعة العملية التخطيطية ذاتها. وتتنوع الدراسات الاستراتيجية سواء على مستوى القيادة السياسية، وهو ما يعرف «بالتخطيط القومي»، أو على مستوى القيادة السياسية العسكرية، وهو ما يعرف «بالتخطيط السياسي العسكري»، أو على مستوى الوزارات المعنية، وهو ما يعرف «بالتخطيط التخصصي». فوزارة الدفاع مثلاً تقرر «التخطيط الاستراتيجي العسكري»، ووزارة الاقتصاد تقرر «التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي، وهناك خطوط عامة للتخطيط الاستراتيجي، فالتخطيط من الوظائف الرئيسية للإدارة العليا في الدولة يرتبط أساساً بالمستقبل؛ لذلك فإنه يحتاج إلى قدرات خاصة على التوقع والتنبؤ واستخدام النظريات والأساليب الحديثة التي تساعد على ذلك.

وهناك عدة مفاهيم للتخطيط الاستراتيجي، لعل أهمها المفهوم الذي طرحه المفكر الأمريكي «توماس شيلينج» في كتابه «نظام التخطيط ووضع البرامج»، الصادر عام 1979؛ حيث قال: «إنه عملية تحديد الأهداف المنشودة، وتحديد الطرق للوصول إلى هذه الأهداف، وتحديد المراحل لذلك، والأساليب التي يجب أن تتبع لتحقيق هذه الأهداف، والتخطيط يتطلب تحليل نتائج ما سبق تنفيذه، واتخاذ القرار لما يجب تنفيذه في ضوء دراسة وتقدير المستقبل، وعلى ذلك يمكن أن نقول إنه: «دراسة متكاملة علمية ودقيقة لمشكلة ما؛ بغرض تحديد حدودها وأبعادها والبحث عن حلول لها، مع إعداد وتنفيذ مخطط مؤقت ومحدد ومتناسق لحلها، يتضمن التنبؤ بالأهداف المرتقبة، وتحقيق أفضل الحلول المناسبة لها».

كما يعتبر التخطيط وفق المنهج العلمي أحد السمات الرئيسية للعصر الحديث، وأساس أي عمل ناجح لتحقيق الأهداف الوطنية المنشودة، لذلك فإنه يتطلب قدرات خاصة على التوقع والتنبؤ فيما يتعلق بالمستقبل. والتخطيط العلمي بمفهومه الشامل، هو عملية ذهنية، تتطلب تفكيراً منطقياً عميقاً، ورؤية مستقبلية ثاقبة، وتحديداً دقيقاً للأهداف، ودراسة علمية متكاملة لتحديد البدائل وتقييمها، والتنبؤ بالنتائج المتوقعة، واختيار أفضل البدائل لتحقيق الأهداف المنشودة في إطار الإمكانيات الحالية، والمنتظرة، من خلال برنامج محدد للمراحل والأساليب الواجب اتباعها لمواجهة الاحتمالات المنتظرة، بمعنى التفكير قبل الأداء، والأداء في ضوء الحقائق حيث يهتم التخطيط الاستراتيجي بالتغيرات بالبيئة الخارجية، وما يترتب عليها من تغيرات، وأعتقد أننا في السودان أحوج ما نكون لتطبيق مفهوم التخطيط الاستراتيجي القومي الشامل وفق المناهج العملية، على أن يوكل أمره إلى خبراء وطنيين متخصصين أكفاء.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.