د. عبد المنعم ابراهيم ادم يكتب التعليم العالي: بين الإشراقات المؤجلة وحقوق الأساتذة الغائبة
متابعات ـ منصه الجاسر نت

في مرحلة تشهد فيها بلادنا تحولات شاملة، ويواجه قطاع التعليم العالي تحديات متزايدة، تبرز قضية أساتذة الجامعات وحقوقهم كأحد المحاور الحيوية التي لا يمكن تجاهلها. بينما يشهد الوطن تطورات كبيرة في مجالات عديدة، ما يزال ملف حقوق العاملين في الجامعات السودانية معلقًا في غياهب التأجيل، وبات من الضروري الوقوف بجدية أمام هذه القضية التي تؤثر بشكل مباشر على الأداء الأكاديمي، وتحد من قدرة المؤسسات التعليمية على الارتقاء بمستوى التعليم العالي في البلاد.
إن الأساتذة الذين يمثلون عماد العملية التعليمية، ويكرسون حياتهم لتمكين الأجيال القادمة من العلم والمعرفة، يعانون في صمت من تأخر استحقاقاتهم، في وقت نجد فيه أن وزارات أخرى قد سارعت في تحقيق مطالب العاملين فيها. على سبيل المثال، نجد أن وزارة الخارجية قد أعادت خدمات السفراء المفصولين وآخرين في الخدمة بآثار رجعية، ما يدل على قدرتها في تحقيق العدالة لموظفيها. في المقابل، يظل أساتذة الجامعات السودانية في وضعية لا تحسد عليها، في انتظار استحقاقاتهم الأساسية التي تكفل لهم العيش الكريم.
لا يمكننا أن نغفل الدور الهام الذي تضطلع به الجامعات السودانية كمراكز إشعاع علمي ومؤسسات لإنتاج الفكر والمعرفة، إلا أن تأخير حقوق أساتذتها يهدد بشكل مباشر مستقبل التعليم العالي في البلاد. هؤلاء الأساتذة، الذين كانوا ولا يزالون رمزًا للإبداع والعطاء، يتطلعون إلى رؤية الوزارة تبادر بمعالجة قضاياهم بما يتناسب مع مكانتهم الكبيرة في المجتمع الأكاديمي.
إلى وزارة التعليم العالي، نقول بكل احترام: إن هذه القضايا تحتاج إلى حل سريع وعادل. أملنا أن تفي الوزارة بحقوق الأساتذة، وأن تُدرَج مطالبهم على قائمة أولوياتها، حتى يظل التعليم العالي في السودان قادرًا على تأدية دوره في بناء الوطن. وفي حال استمر تجاهل هذه المطالب، فإن الطريق سيكون مفتوحًا أمام النظر في خيارات أخرى، علّنا نجد في المستقبل من يولي هذه القضايا الأهمية التي تستحق.
وأخيرًا، لا بد من الإشادة بالجهود الكبيرة التي تبذلها منظمة “ماجسو” التي تعتبر القلب النابض للأساتذة. لقد أثبتت هذه المنظمة أنها السد المنيع المدافع عن حقوق الأساتذة، وتستحق منا كل الدعم والتقدير، لأنها تلعب دورًا محوريًا في تحفيز الجهود لتحقيق العدالة وتقديم حقوق العاملين في الجامعات.
إن نداءنا للمسؤولين اليوم هو نداء للعقل والحكمة، لنستعيد حقوق أساتذتنا الذين هم في نهاية المطاف حراس علم هذا الوطن ومستقبله.