الجاسر

د.مالك يوسف مالك بخيت استشاري علم النفس يكتب ….. حين ينتصر الأمل على الحرب

الجاسر نت

حين ينتصر الأمل على الحرب

د.مالك يوسف مالك بخيت
استشاري علم النفس

بعد شهورٍ طويلة من الحرب والنزوح والدمار، تعود الجامعات السودانية لتفتح أبوابها من جديد. مشهد لم يكن عاديًا، فالطلاب الذين افترقوا قسرًا يعودون اليوم حاملين في قلوبهم قصصًا من الصبر والفقد، لكنهم أيضًا يحملون شعلة الأمل التي لم تنطفئ رغم كل شيء.

في جامعة أم درمان الإسلامية، كما في غيرها من الجامعات، توافد الطلاب منذ الصباح الباكر بوجوهٍ يغلب عليها الامتنان أكثر من الفرح. فكل قاعة مفتوحة هي انتصار صغير، وكل محاضرة تُستأنف هي خطوة نحو التعافي من جراح الحرب.

تقول الطالبة رماز أحمد، التي نزحت مع أسرتها إلى مدينة أخرى خلال فترة الحرب:

> “كنت أظن أن العودة إلى الجامعة حلم بعيد، لكن عندما دخلت القاعة، بكيت. شعرت أن الحياة بدأت من جديد.”

مشاعر مماثلة عبّر عنها كثير من الطلاب الذين فقدوا منازلهم أو اضطروا للتنقل بين المدن، لكنهم اليوم يجدون في العودة إلى مقاعد الدراسة ملاذًا نفسيًا يرمم ما تهدم بداخلهم. فالمكان الذي كان مليئًا بالذكريات عاد ليكون مساحة أمان واستقرار، بعد أن كان الخوف هو العنوان الأكبر في حياتهم.

وتبذل إدارات الجامعات جهودًا كبيرة لإعادة تهيئة البيئة الأكاديمية رغم محدودية الموارد. القاعات التي تضررت تمت صيانتها جزئيًا، والمكتبات أعيد فتحها، والأساتذة عادوا بتفانٍ ليكملوا ما بدأوه قبل أن تشتعل نيران الحرب.

“عودة الطلاب ليست مجرد حدث أكاديمي، إنها رسالة بأن السودان يمكن أن ينهض مهما اشتدت الجراح. التعليم هو بداية الشفاء.”

وبين حديث وابتسامة ودمعة، يمشي الطلاب في الممرات نفسها التي كانت خالية قبل أشهر. بعضهم ما زال يحمل آثار الصدمة، لكن الحلم بالتعلم أقوى من الخوف. فالمستقبل بالنسبة لهؤلاء الشباب لا يُبنى بالسلاح، بل بالقلم والكتاب.

العودة إلى الدراسة في السودان اليوم ليست مجرد بداية عام دراسي، بل بداية حياة جديدة لشبابٍ قرروا أن يقهروا الحرب بالعلم، وأن يجعلوا من مقاعد الدراسة جسرًا نحو السلام والبناء.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.