الجاسر

عبد الحفيظ عبدالقادر ….يكتب عيد الام .. افراح وابتسامات و احزان بدمع الدم السخين

متابعات الجاسر نت

الأفق المبين
عبد الحفيظ عبدالقادر
عيد الام .. افراح وابتسامات و
و احزان بدمع الدم السخين

عيد الام مناسبة شبه عالمية تحتفل به بعض دول العالم لتكريم الأمهات على جهودهن و دورهن البارز و المشهود فى الحياة والمجتمع ، و تنظم هذه الاحتفالات على نحو طوعي و مجتمعي و ليس لها أي صفة رسمية
ترسم هذه الاحتفالات لوحات من الفرح والابتهاج و تنثر قطرات الندى سعادة و هناء كل عام فى ليلة يوم ٢١ مارس التى تزامن و تصادف موسم الربيع الزاهي الجميل.
ولدت فكرت هذا الاحتفال لدى الغربيين فى اوربا وامريكا بعد أن وجدوا أن الابناء فى مجتمعاتهم يهملون أمهاتهم ولا يؤدون الرعاية اللازمة لهن فكان هذا العيد تحت مسمى عيد الأم فيما بعد اتسعت رقعة المحتفلين به فى كل عام و فى بعض الأحيان فى العديد من الايام فى شتى بقاع العالم وكان أول احتفال بعيد الام عام ١٩٠٨م فى أمريكا من بعد انطلقت حملة لجعل عيد الام معترف به فى الولايات المتحدة الأمريكية.
فى العالم العربى كان الصحفى المصري الراحل على امين مؤسس جريدة ( أخبار اليوم ) و تؤامه مصطفى امين اول من تبنيا هذه الفكرة الرائدة من خلال المقال اليومى ( فكرة ) للاستاذ مصطفى امين و كان أن قصت إحدى الأمهات للاستاذ مصطفى مأساتها و كيف أنها ترملت واولادها صغار و لم تتزوج و كرست حياتها من أجل اولادها ظلت ترعاهم حتى تخرجوا فى الجامعة و اشتغلوا و تزوجوا و استقلوا بحياتهم وانصرفوا عنها تماماً.
واجه هذا الاحتفال السنوي فى دول العالم العربي والإسلامي هجوم واسع النطاق باعتباره بدعة وليس من الدين فى شئ و تقليد لغير المسلمين لكن هيئة الإفتاء المصرية قالت القول الفصل في هذا الموضوع وقد تمثل فى أن الاحتفال ب ( يوم الام ) يعتبر مظهر من مظاهر تكريم الام والاحتفاء بها و حسن برها والإحسان إليها و ليس فى الشريعة الإسلامية ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الابناء عن برهم لأمهاتهم و وصفت الاحتفال بأنه إجراء تنظيمي لا حرج فيه.
والحقيقة الناصعة التى لا ريب فيها أن الأم تستحق هذا الاحتفاء بالنظر للدور الهائل والحاسم الذى تطلع به فى إنجاب الأطفال و تربيتهم و رعايتهم حتى ينخرطوا فى الحياة والمجتمع
ان الانجاز الباهر الذي تحققته كل ( ام واب ) بنجاح أبنائهم لم يكن سهلا و ميسورا كونه طريقا شائك تكتنفه ابدا الأشواك و المتاعب و فيه تواجه الكثير من المعاناة و تبزل المذيد من التضحيات النفيسة و لاشك أن دور الام فيه محورى و أساسي و لا غني عنه و لا بديل له ، لقد خلد المفكرون والشعراء دور الأمهات و تضحياتهم هذه فقد قال الشاعر المصري المعروف بشاعر النيل حافظ ابراهيم ( الام مدرسة إذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق ، الام روض إن تعهده الحيا بالري اورق ايما ايراق )
كثير من الاغاني سطرت بمداد من حب و مودة و احترام للام بوصفها الصدر الحنون والقلب الملىء بالمشاعر الدافقة تجاه أبنائها فقد صاغ الأستاذ التجاني حاج موسى حبه لامه شعرا فى قصيدته التى اهداها لوالدته الحاجة دار السلام ( امي الله يسلمك يا يمه الله يسلمك… يديك لى طول العمر فى الدنيا يوم مايالمك… امي يا دار السلام يا حصني لو جار الزمان..ختيتى فى قلبى اليقين يا مطمنانى بطمنك.. امي الله يسلمك)أما الشاعر الراحل السر عثمان الطيب عبر عن حبه لامه فى رائعته ( بحر المودة ) بصوت فنان الطمبور محمد جبارة ( يا يمه يا فيض الحنان الما كمل يايمه يا بدر السبع دائما بهل .. يا يمه يا نور الصباح وقتين يطل ..يا يمه يا بحر المودة وقتين يفيض .. يا يمه يا شعلة أمل زادت وميض ).
الكثيرون احتفلوا بأمهاتهم فى ليلة الجمعة ٢١ مارس ٢٠٢٥م وامضوا معهم ساعات من الفرح والبهجة أدخلت السعادة والهنا فى قلوبهم و رسمت الابتسامات والسرور على وجوههم بينما كانت هناك اسر منكوبة و مكلومة خيم الحزن الأليم على لياليهم و ظلل الوجع المرير قلوبهم و وجدانهم و اقورت عيونهم بدمع الدم من شدة البكاء و النحيب واكتست بيوتهم واجسادهم بالسواد المظلم الحزين.
هذا هو كان حال امهات شهداء حرب الكرامة المفروضة وحال اسر لم تتزوق طعم الفرح لفقدها ( الام ) مصدر الفرح و ملهمته أيضا جراء فقدها فى هذه الحرب اللعينة تخيلوا كيف تحولت لحظات الفرح والابتهاج المنتظرة مساء الجمعة ٢١ماس للاحتفال بعيد الام لأسر طاقم التلفزيون القومي و معهم كوكبة أخرى من المقاتلين البواسل من الجنود والقادة الزين استشهدوا صباح نفس فى اليوم أثناء بدء توثيق انتصارات معارك تحرير القصر الجمهورى ، تصوروا كيف يحتفل هولاء جميعا وكيف يفرحون وكيف يطيب لهم تزوق شئ من الحلويات و الطيبات التى اعتاد الناس على اعدادها أو شرائها على شرف مثل هذه الاحتفالات.
كانت هذه لوحة تضمنت تداخل الالوان الحزينة المكلومة بجانبها أخرى غارقه فى حالة من الفرح والبهجة كيف ترون و تقراؤن تفاصيل هذه اللوحة التى تعانى هذا التناقض والتضاد المبين.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.