د.السماني محمد حمد النيل يكتب….سلحفائية التنمية في مدينة ربك
متابعات الجاسر نت

شذرات فكرية
د.السماني محمد حمد النيل
سلحفائية التنمية في مدينة ربك
ربك مدينة تاريخية ذات طابع ريفي مميز، تقع على ضفاف النيل الأبيض الذي يزينها، مما يجعلها موقعًا ساحرًا في وسط السودان. أهلها معروفون بالكرم، والشهامة، والعطاء، والتعايش السلمي بين جميع القبائل التي تسكن المدينة.
تشتهر بحركة التجارة النشطة وأسواقها المزدحمة. يتميز أهلها بالحيوية في مجالات التجارة والزراعة والرعي، مع تمسكهم بالقيم الدينية والأخلاقية التي تنبع من البيوت الصوفية الكبيرة المنتشرة في المدينة. تضم ربك العديد من حلقات تحفيظ القرآن، ومشايخ العلوم الشرعية، ومشايخ التربية الروحية، ولها قواسم مشتركة مع مدينة كوستي ذات التاريخ العريق والجذور الضاربة.
ساعد موقعها الجغرافي على ازدهار التجارة والزراعة والرعي، وجعل منها موقعًا مميزًا في قلب السودان. هذا الموقع الساحر جعلها وجهة للعديد من المدن المجاورة، وذلك بفضل حركة التجارة الدائمة والمستمرة على مدار العام. يقصدها المواطنون من ولايات سنار، الجزيرة، النيل الأبيض، وكردفان، مما يجعلها نقطة وصل بين أربع ولايات.
تتميز بمقومات التنمية التي تتيح لها بناء بنية تحتية متطورة ونهضة عمرانية شاملة ذات طابع ريفي. هذا الطابع جعل أهلها يتميزون بالكرم، الشهامة، العطاء، والتداخل بين مكونات المدينة القبلية .
تحيط بالمدينة من جميع الجهات آلاف الأفدنة من المشاريع الزراعية، بالإضافة إلى الثروة الحيوانية والسمكية، والمراعي الطبيعية، والأراضي الخصبة، والمصانع التي تساهم في تطوير المدينة وتوفير فرص عمل لسكانها لتحقيق الاستقرار والعيش الرغيد.
تُعد المدينة منطقة إنتاج زراعي وحيواني وصناعي. تشتهر بوجود مصانع السكر المجاورة، مثل كنانة والنيل الأبيض، بالإضافة إلى مصنع عسلاية *المعطوب* داخل المدينة، ومصنع أسمنت ربك الذي أصبح موقعًا تاريخيًا. وقد كان لمصنع أسمنت ربك صيت واسع داخل وخارج السودان. كما يوجد محلج نسيج يعمل بنشاط، ويحتاج فقط إلى إعادة تأهيل وتوفير المواد الخام لتشجيع زراعة القطن.
الشيء السلبي في المدينة هو أنها على مقربة من نهر النيل، ومع ذلك تعاني معظم أحيائها من نقص المياه، ويعتمد السكان على المياه التي تُجلب بالشاحنات والكارو التقليدية، وهي مياه ملوثة تضر بصحة الإنسان وكانت الكوليرا في مدينة كوستي نتيجة لمياه الكارو الملوثة .
تعنبر هذه أكبر مشكلة تواجه سكان المدينة، مما أدى إلى حرمانهم من مياه الشرب النقية، على الرغم من أن نهر النيل الأبيض يمر بضفاف المدينة.
تعاني مدينة ربك من سوء تنظيم الأسواق وانتشار الباعة الجائلين بشكل عشوائي، مما سبب فوضى. على الرغم من أن المدينة مصممة بتخطيط جغرافي مميز وشوارع واسعة، إلا أنها تعاني من سوء تنظيم الأسواق. يتواجد الباعة الجائلون في الشوارع العامة، مما يعيق حركة السير في الطرقات والممرات الآمنة للمواطنين. شارع الخمسين مثال على هذه العشوائية وسوء التنظيم، ويعود ذلك إلى سوء تنظيم الإدارة المحلية في ربك.
بالإضافة إلى ذلك، تعاني الشوارع الرئيسية في منتصف المدينة من هذه المشكلة. في هذه الأيام، تتوقف الحركة تماماً بسبب الباعة الجائلين الذين يعرضون بضائعهم الخاصة بعيد الفطر دون تنظيم لمواقعهم. تعج شوارع النص في المدينة أيضاً بفوضى الباعة الجائلين، وكوارو المياه، وترحيل البضائع. هذه الظاهرة لا تجدها إلا في مدينة ربك إذا ما قورنت بالمدن الكبيرة. تنتشر في المدينة الكوارو التقليدية المستخدمة في ترحيل البضائع، مما يؤثر على حركة المواصلات في بعض الأحياء.
أتمنى أن يعمل المسؤولون على توفير بدائل للكارو لمن يرغب من المواطنين (التكتك) وهو يمثل وسيلة ترحيل حيوية وبديلة يسهل على المواطن البسيط الحصول عليها، خاصةً من يعتمد على الكارو كمصدر رزق.
*شذرة أخيرة:*
تقع على عاتق محلية ربك الكثير من المشاكل والتحديات التي تنتظرها، بما في ذلك إيجاد حلول جذرية بالتعاون مع حكومة الولاية للحد من العطش الذي يعاني منه أغلب أحياء المدينة. هذا هو أكبر تحدي لسكان المدينة في الوقت الحالي. جميع المسؤولين الذين تعاقبوا على الولاية لم يتمكنوا من إيجاد حل لمشكلة مياه الشرب في أحياء المدينة.