د.مالك يوسف مالك بخيت استشاري علم النفس يكتب ……الكاملين… مدينة الأصالة والعلم والإنسانية
الجاسر نت

د.مالك يوسف مالك بخيت
استشاري علم النفس
والمدير العام لمركز كيرال لذوي الاحتياجات الخاصة
الكاملين… مدينة الأصالة والعلم والإنسانية
ومركز كيرال… واحة النور لذوي الاحتياجات الخاصة
على ضفاف النيل الأزرق، حيث يمتزج عبق التاريخ بصفاء الطبيعة، تمتد مدينة الكاملين شامخةً كأحد أقدم وأعرق المدن السودانية، وموئلًا للعلم والعمل والإبداع الإنساني.
ليست الكاملين مجرد موقعٍ جغرافي بين مدينتي ود مدني والخرطوم، بل هي روح سودانية أصيلة تنبض بالقيم، وتفيض بالعطاء، وتُقدِّم للوطن أبناءً في ميادين الفكر والتعليم والإدارة.
الكاملين… تاريخٌ عريق وحاضرٌ متجدد
تُعد الكاملين من المدن السودانية التي جمعت بين التراث العريق والتطور الحديث.
عرفت مبكرًا التعليم النظامي، واحتضنت مدارس ومعاهد خرجت أجيالًا من العلماء والمربين والقادة.
ويمتاز أهلها بالطيبة والكرم، وبحسٍّ اجتماعي رفيع جعل من مدينتهم نموذجًا للتكافل والتعاون.
في أسواقها القديمة وأحيائها الحديثة، ترى وجه السودان الحقيقي: مزيج من البساطة والطموح، ومن الأصالة والرغبة في النهوض.
ولذلك لم يكن غريبًا أن تكون الكاملين حاضنةً للمبادرات الاجتماعية والإنسانية التي تهدف لخدمة الناس جميعًا، وعلى رأسها مركز كيرال لذوي الاحتياجات الخاصة.
مركز كيرال… رسالة إنسانية قبل أن يكون مؤسسة
من بين المشاريع التي تُزيّن وجه الكاملين وتُجسّد روحها الإنسانية، يبرز مركز كيرال لذوي الاحتياجات الخاصة كمنارة مضيئة وسط مجتمعٍ يعرف قيمة العطاء.
أُنشئ المركز برؤيةٍ واضحة تهدف إلى تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم الرعاية الشاملة لهم في مجالات التعليم والتأهيل والدعم النفسي والاجتماعي.
لم يكن المركز مجرد مبنى يضم فصولًا ومكاتب، بل بيتًا كبيرًا للرحمة والأمل، حيث تمتد الأيدي بالعطف والعلم معًا.
في أروقته، يتلقى الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة خدمات تربوية وتأهيلية متقدمة، بإشراف كوادر مؤهلة تعمل بإخلاصٍ ومهنية.
الإنسان أولًا… شعار المركز ورسالته
يقوم مركز كيرال على فلسفةٍ إنسانية راقية مفادها أن الإعاقة ليست نهاية الطريق، بل بداية قصة نجاح مختلفة.
ومن هذا المنطلق، يقدّم المركز برامج تعليمية متكاملة تراعي الفروق الفردية، وتمنح كل طفلٍ فرصة للتطور حسب قدراته.
كما يُعد المركز مركزًا مجتمعيًا في المقام الأول، حيث ينظم ورشًا توعوية للأسر، ويقيم احتفالات سنوية لتكريم الطلاب والاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية واليوم العالمي للأطفال التوحد، مؤكدًا أن المجتمع كله شريك في المسؤولية تجاه أبنائه من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولعل أجمل ما يميّز كيرال هو أنه جعل من الكاملين مدينة أكثر وعيًا ورحمة، تُدرك أن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان، لا من الحجر.
أثرٌ يتسع… ورسالة تتجدد
بجهود إدارة المركز والعاملين فيه، وبدعم أهل الكاملين الأوفياء، سوف يصبح مركز كيرال نموذجًا وطنيًا يُحتذى في الرعاية الشاملة لذوي الاحتياجات الخاصة.
وقد بدأ المركز بالفعل في التوسّع.
الكاملين… مدينة تصنع الفارق
تُثبت الكاملين، يومًا بعد يوم، أنها ليست مدينة هامشية، بل قلبٌ نابض بالعطاء الوطني.
من مدارسها خرج المعلمون، ومن مزارعها جاء الخير، ومن مؤسساتها الخيرية كـ “كيرال” انطلقت رسالة المحبة الإنسانية.
وفي وقتٍ تتزايد فيه الحاجة إلى المبادرات المجتمعية، تبقى الكاملين نموذجًا لمدينةٍ تُؤمن بأن بناء الإنسان هو الطريق لبناء الوطن.
في الختام
في الكاملين، لا تُقاس التنمية بعدد الأبراج أو الطرق المعبدة، بل بعدد القلوب التي تضيء طريق الآخرين.
وفي مركز كيرال، يتجسد المعنى الحقيقي للرحمة والوعي والإصرار على أن يكون لكل إنسانٍ مكان في هذا الوطن، مهما كانت ظروفه.
تبقى الكاملين عنوانًا للأصالة، ويبقى مركز كيرال شاهدًا على أن الخير لا يحتاج إلى ضجيجٍ كي يُسمع صوته.